برأينا؛ على الدارس لشعر محمود درويش الإحاطة بالاتساع الثقافي الذي يتمتع به الدرويش، وعليه أن يعرف أن سيرته الشخصية والشعرية المندمجة بسيرة جمعية، ذات أبعاد نفسية عميقة، يشكّل الغياب، والافتقاد، وتشظي الذات، والتردّد بين يقين رسولي ثوري وبين يأس وجودي؛ ثيماتها الأساسية. وعليه أيضاً معرفة ومراجعة الأساطير؛ أساطير كنعان وسومر وبابل والإغريق ومصر الفرعونية، والعهد القديم، والقرآن، والإرث اللغوي العربي خصيصاً الشعر منه، فالدرويش مثلاً يرى في أبي الطيب المتنبي جدّاً له.
وفي مرحلته الشعرية الأخيرة سيلبث محمود درويش عند أفق إنسانيّ مفتوح، فمن موضوع محلي، بلْ يومي وعادي؛ حيث التربة الأولى للقصيدة سيجد الأوّاليّة التي ترفع العادي واليومي والمحلي إلى مصاف الأبعاد الإنسانية الكونية.