قلّما نجد عملاً بقي حيًّا في الذاكرة الثقافية مثل رواية «فرانكنشتاين»، وهي تأمّلٌ آسر من ماري شيلي في مفاهيم الخلق والطموح. فليست هذه الرواية مجرّد حكاية رعب مروّعة، بل ثمرة تلاقٍ فريد بين التأمل الفلسفي، والفضول العلمي، والمخيلة الرومانسية. لقد وُلدت فكرتها خلال صيف عاصف في جنيف، في لقاء جمع بعضًا من ألمع العقول في ذلك العصر، لتعكس الرواية التوتّر الفكري في أوائل القرن التاسع عشر، بما فيه من جدالات حول حدود العقل، والضوابط الأخلاقية للتجريب، ورهبة الطبيعة المهيبة. تتجاوز حبكة شيلي طابعها القوطي لتغدو نصًّا تأسيسيًّا لكل من أدب الرعب الحديث والخيال العلمي المبكر. فهي تعيد تعريف «الوحش» لا بوصفه تهديدًا خارجيًّا، بل مرآة مأساوية للنفس البشرية، وتجسيدًا لفشل المجتمع، ورمزًا لأعمق مخاوفنا من الهوية والاختلاف، وعواقب الطموح المنفلت.