تكمن الأهمية الدائمة لكتاب «سيكولوجيا إدارة الأعمال» في استشرافه المبكر. فقبل وقتٍ طويل من دخول مفاهيم مثل «رأس المال البشري»، و«العمل المعرفي»، أو «الذكاء العاطفي» في صُلب الخطاب التنظيمي العام، كانت غيلبريث قد شخّصت بالفعل الحقيقة الجوهرية: أن الكفاءة الحقيقية نفسيةٌ بقدر ما هي ميكانيكية. إن إصرارها على التعامل مع العمال بوصفهم كائنات مفكّرة- قادرة على النمو، وعرضةً للإحباط، ومتجاوبة مع العدالة- قد سبق أفضل ما توصّلت إليه علوم الاقتصاد السلوكي، وتنمية المواهب، ونظريات القيادة المعاصرة.
واليوم، في عصرٍ يتّسم بالأتمتة والعمل عن بعد، والطلبات المعرفية المتزايدة التعقيد على العمال، يكتسب عملها أهمية متجدّدة وإلحاحًا جديدًا. ولا تزال الدروس التي تقدّمها حيويةً للمناقشات المستمرة حول التحفيز، والصحة النفسية في مكان العمل، وتصميم التعليم، والقيادة الأخلاقية. بهذا المعنى، فإن «سيكولوجيا إدارة الأعمال» ليس مجرد معلم تاريخي، بل هو وثيقة حيّة، نصٌ تواصل شجاعته الفكرية ووضوحه الأخلاقي إنارة الطريق نحو عالم عمل أكثر تفكّرًا، وأكثر إنسانية، وأكثر إنتاجيةً بحق.