في العالم المتحضِّر هناك سجون للجنائيين، ولكن ليس هناك معتقلات للسياسيين وأصحاب الرأي والضمير.
في العالم المطعون بالتخلُّف والطغاة وصمت الأمم المتحدة ومجلس الأمن هناك سجون كارثية، ومعتقلات جهنمية، تمثِّل عاراً ليس على بلدانها فقط، وإنما على تاريخ البشرية أيضاً.
كان يليق بغيوم قصائد هذه المجموعة أن تتشكَّل مثلما تشاء، وأن تمطر حين وحيث تشاء، وأن تسقي من الأشجار والمروج والورود ما تشاء. أعني كان يليق بها أن تكون متوَّجةً بالأجنحة التي تنتمي إلى الحرية، لا بالأضرحة التي تنتمي إلى سجن صيدنايا أو غيره.
في الحقيقة يستطيع المرء أن يكون حرّاً إلى درجة قصوى في ما يكتب، حتى وهو في السجن، بل خصوصاً حين يكون في السجن، ولكن حدود حرية النشر لها شؤون وشؤون وشؤون، ولا سيما في بلدان شرقنا المعاصر، المحكوم بما لا حكمة فيه على الإطلاق.
أعتقد أن تجربتي مع الشعر الموزون في هذه المجموعة، قد قاربت نهاياتها أو مراميها من حيث أدري ولا أدري. أقول «ولا أدري» لإحساسي أني حين أعزف أو أنزف قصائدي لا أكون بمفردي. لا بدَّ أن هناك من يشاركني في الأمر من حيث «لا أدري».
- من تقديم الشاعر للكتاب