في هذا الكتاب النقدي الرصين، الموسوم بـ«الجمالي والدلالي في المنجز الأدبي المغربي»، يقدِّم المؤلِّف عبد النبي بزّاز إطلالة عميقة على بواكير الإبداع السردي والشعري والنقدي في المغرب، من منظور مزدوج ينهل من معين الجماليات من جهة، والدلالات الفكرية والرمزية من جهة أخرى. وإذ يستعرض المؤلِّف ويحلّل عدداً وافراً من نماذج النتاج الأدبي المغربي، فإنه لا يكتفي بتتبع البنية الشكلية للنصوص، بل ينفذ إلى ما وراءها، كاشفاً النقاب عن مرجعياتها الثقافية، وتقاطعاتها الفلسفية، وتوظيفها للتجريب والرمز والحلول والتضاد، وغيرها من الأساليب التي تثري البنية الأدبية وتُعلي من شأنها.
يختط هذا الكتاب لنفسه منهجاً نقدياً يجمع بين الرؤية الجمالية والتحليل الدلالي، مستعيناً بزادٍ معرفي متين، وذائقة نقدية متبصّرة، ليكشف عن مسارات تطور الأدب المغربي، وتحولاته من طور التلقين والمحاكاة إلى آفاق من التجريب والانفلات من القوالب الجاهزة. إنه عمل رصين ينتمي إلى حقل الدراسات الأدبية الجادة، ويضيء بقوة مساحات معتمة من المنجز المغربي، مثبتاً أن الإبداع في المغرب ليس وليد المصادفة، بل ثمرة لتفاعل متين بين الذائقة والوعي، وبين التراث والراهن.